..........1.............
أيها الشباب
إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها ، وتوفر الإخلاص في سبيلها ، وازدادت الحماسة لها ، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها ، وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة : الإيمان والإخلاص والحماس والعمل من خصائص الشباب . لأن أساس الإيمان القلب الذكي ، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي ، وأساس الحماسة الشعور القوي ، وأساس العمل العزم الفتي ، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب . ومن هنا كان الشباب قديما وحديثا في كل أمة عماد نهضتها ، وفي كل نهضة سر قوتها ، وفي كل فكرة حامل رايتها (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) .
ومن هنا كثرت واجباتكم . ومن هنا عظمت تبعاتكم . ومن هنا تضاعفت حقوق أمتكم عليكم . ومن هنا ثقلت الأمانة في أعناقكم . ومن هنا وجب عليكم أن تفكروا طويلا . وأن تعملوا كثيرا ، وأن تحددوا موقفكم ، وأن تتقدموا للإنقاذ ، وأن تعطوا الأمة حقها كاملا من هذا الشباب .
قد ينشأ الشباب في أمة وادعة هادئة ، قوي سلطانها واستبحر عمرانها ، فينصرف إلى نفسه أكثر مما ينصرف إلى أمته ، ويلهو ويعبث وهو هادئ النفس مرتاح الضمير . وقد ينشأ في أمة جاهدة عاملة قد استولى عليها غيرها ، واستبد بشؤونها خصمها فهي تجاهد ما استطاعت في سبيل استرداد الحق المسلوب ، والتراث المغصوب ، والحرية الضائعة والأمجاد الرفيعة ، والمثل العالية وحينئذ يكون من أوجب الواجبات على هذا الشاب أن ينصرف إلى أمته أكثر مما ينصرف إلى نفسه .
وهو إذ يفعل ذلك يفوز بالخير العاجل في ميدان النصر ، والخير الآجل من مثوبة الله .
ولعل من حسن حظنا أن كنا من الفريق الثاني فتفتحت أعيننا على أمة دائبة الجهاد مستمرة الكفاح في سبيل الحق والحرية .
واستعدوا يا رجال فما أقرب النصر للمؤمنين وما أعظم النجاح للعاملين الدائبين .
.
أيها الشباب :
لعل من أخطر النواحي في الأمة الناهضة ... وهي في فجر نهضتها ... اختلاف الدعوات ، واختلاط الصحيات ، وتعدد المناهج ، وتباين الخطط والطرائق ، وكثرة المتصدين للتزعم والقيادة .
وكل ذلك تفريق في الجهود وتوزيع للقوى يتعذر معه الوصول إلى الغايات .
ومن هنا كانت دراسة هذه الدعوات والموازنة بينها أمرا أساسيا لا بد منه لمن يريد الإصلاح .
ومن هنا كان من واجبي أن أشرح لكم في وضوح موجز دعوة الإسلام في القرن الهجري الرابع عشر .